<blockquote class="postcontent restore"> بسم الله الرحمن الرحيم ثلاث رسـائل للشباب والشابات <blockquote> يا شباب الإسلام أهدي تحياتي وأشواقي الحارة ، أهديها على أكف الراحة ،أهديها عبر السحاب وعبر الروابي والسهول والأعلام ، علّها تصل إليكم وأنتمتنعمون بثوب الصحة والعافية ، فتشاغف قلوبكم الحيّة ، وتؤثر في خلجاتأنفسكم النيّرة ، وفي عقولكم الزكية . إليكم ثلاث رسائل أولاها كأخراها ،لكنها في الأولى أمل وفي الأخرى عمل ، والأمل والعمل أنشودتان من تغريدفمي . فهاكموها ناضجة ، وخذوها نابضة ، خذوا لبها واتركوا لي قشورها ، خذواصفوها واتركوا لي كدرها ، إليكم هذه الرسائل ، التي نبض بها قلبي ، وفكّربها عقلي، وصدقتها مشاعري وأحاسيسي ، وخطها قلمي ، إليكموها معطرة بالشذاوالريحان والكادي . الرسالة الأولى : {الموت هادم اللذات ومفرّق الجماعات } اعلموا– أيها الشباب – أن الموت هادم اللذات ومفرّق الجماعات ، ومنغص الحياة ،وهو طريق كلنا نقتفيه ، وكأس كلنا شاربه ، هو حق علينا مهما عشنا ، ومهماطالت أعمارنا ، وهو مصير محتوم لا مناص منه ولا مهرب . قال تعالى : { قلإن الموت الذين تفرون منه فإنه ملاقيكم } . هو الموت ما منه ملاذ ولا مهرب متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب ولوعاش أحد وبقي وخلّد ، لعاش أفضل مخلوق نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم –وما دام الأمر كذلك ، فلا بد من التوبة الصادقة إلى الله – عز وجل –وتقواه والاستعداد ليوم الرحيل قبل أن يُباغتكم الموت ، ولسان الحال يقول: تزوّد من التقوى فإنك لا تـدري إذا جنّ ليل ، هل تعيش إلى الفجر؟! فكم من صحيح مات من غير علة وكم من عليل عاش حينا من الدهر؟! وكم من صبي يرتجي طـول عمره وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري ؟! وكم من عروس زينوها لزوجـها وقــد قُبضت روحاهما ليلة القدر؟! الرسالة الثانية طلّقوا الغيبة .. "أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه" ؟ ممالا شك فيه أيها الشباب أن الغيبة سلاح الجاهلين المنحطين في دهاليز الجهلوالسفه والطيش وكل أمر فيه قيل وقال، وما يندرج تحت ذلك من آفات اللسان ،روادها ومعتادوها أناس قد نقص عندهم منسوب الإيمان ، وأصبحت قلوبهم أقربإلى الجوفان ، فتراهم يجوبون الأرجاء والطرقات والسّبل ، ويزاحمون في تصدرالمجالس والمقاهي ، فيغتابون ويلمزون ويقطعون بقولهم : هذا فيه كذا ، وذاكفيه كذا وكذا ، وذلك فيه كذا وكذا وكذا . لا يرتاحون إلا حينمايلطخون ألسنتهم بالغيبة ، ولا يهناؤون إلا حينما يغوصون في أعراض الناسويتمرغون فيها ، فيأكلون منها إسرافا وبدارا . إنهم حيارى في البيداء ،وسراب كاذب ، ليس لهم هدف ولا مستقبل إلا البروز على أكتاف البشر ، بروزفشل وانحطاط ، لا بروز نجاح وارتفاع ، وكأنهم لم يعلموا أن الغيبة حرام ،بل هي من الكبائر ، أما علمت : إن كان في أخيك ما قلته فقد اغتبته ، وإنلم يكن فيه فقد بهته . يا للحق ! يا للضياء ! عندما يعانق قلوب أولئكالمغتابين ، فتنمحي الغيبة وتتلاشى ، وتحيا القلوب ، وتطيب النفوس ،وتتقارب المجتمعات وتتعانق ، وتتأصل الوشائج وترتقي ، وتمتد جسور المحبةوالمودة والوئام ، فتصبح المجتمعات نظيفة ، متينة ، بينها وشائج إيمانية ،وصلات روحانية ، وعادات وتقاليد إسلامية . فهلمن عودة سريعة للقرآن ونوره ، قال تعالى : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيهميتا فكرهتموه } ، وللسنة وضيائها ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : ( ذكرك أخاك بمايكره ) قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : (إن كان فيه ما تقولفقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)) ، إضافة إلى تفهم أمورالدين الإسلامي ، وترك الغيبة ، وكل أمر فيه منقصة ومظلمة للناس ، وقبلذلك التوبة والندم على مافات ، وعدم الرجوع إليه ؟ فباب التوبة مفتوح لكلمذنب ومغتاب ، فغدا أيها المغتاب تموت ، وفي قبرك تُسأل وتعلم أنك في جنبالله فرطت وفرطت ، واغتبت واغتبت وتعبت . فهيا ، طلّقوا الغيبة ، وأبعدوا أنفسكم عن الريبة ، { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } ؟!! الرسالة الثالثة بر الوالدين ، والحذر من عقوقهما اعلمواأيها الشباب الكرام أن الوالدين هما الشموع المضيئة في حياتنا الدنيا ، بلهم ريحانة منازلنا وقُرَانا ومجتمعاتنا . هم الذين تسببوا في وجودنا – بعدالله عز وجل-، وأحاطونا بالرعاية والاهتمام، وسعوا في راحتنا وتوفير كلسبل الراحة والسعادة لنا، وزرعوا فينا الأخلاق الفاضلة ، وسقوها بالشذىوالريحان وقطرات الندى حتى كبرت واستقرت ونمت ، فرفرت أوراقها الخضراء ،وأثمرت خيرا كثير ، وأمدونا بالنصائح والتوجيهات السديدة ، لم يثنهم فيذلك تعب أو عمل أو مشقة . إذا ، ما وجبنا تجاههم ؟ ما دورنا نظير ماقاموا به من أجلنا ؟ هل نبرّ بهم ونحيطهم بالعطف والحنان أم نعقهمونخاطبهم بالغلظة والشدة، أم نتركهم كالشماعة نُعلّق عليها أخطاءناوتقصيرنا وهمومنا وقلة حيلتنا؟!!! إن البعض من الأبناء – هداهم الله – يتصرّفون مع أبائهم تصرفات عشوائية ،تصرفات مرفوضة . يُقابلون الإحسان بالإساءة ، والجميل بالنكران ، يعتبرونآباءهم همّا ثقيلا على قلوبهم ، يُعاملونهم معاملة سيئة ، يتمنّون الخلاصمنهم ليرتاحوا من همهم – كما يدّعون – وليرتاحوا من نظرات الناسالمستنكرين على تصرفاتهم الخاطئة مع آبائهم . واسمعوا إلى هذه الهمسة من أب مسنٍّ إلى كل ابنٍ عاقٍ ناكرٍ للجميل: غذوتك مولـودا وعلتك يافعـا تُعـلّ بمــا أدني إليك وتنهلُ إذا ليلـةٌ نابتك بالشكوى لم أبتْ لشكواك إلا ســاهرا أتململُ كأني أنـا المطروقُ دونك بالذي طُـرقتَ بـه دوني وعينيّ تهملُ فلما بلغت السنّ والـغـايةَ التي على مـدى ما كنتُ فيها أُؤملُ جعلتَ جزائي منك جبها وغلظةً وكــأنك أنتَ المنعمُ المتفضلُ فليتَك إذ لم تــرعَ حـقَ أُبوّتي فعلتَ كما الجـارُ المجاورُ يفعلُ لهذا، عليكم أيها الشباب ببر الوالدين وطاعتهما في غير معصية الله ، حيث إنرضاهما من رضا الله ، قال تعالى : { وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياهوبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربارحمهما كما ربياني صغيرا } . ومن خلال ما سبق ، يجب على كل شاب منمخاطبة والديه بأدب وبأسلوب لين وعدم نهرهما وزجرهما ، والتلطف عند الحديثمعهما، والمحافظة على سمعتهما وشرفهما ، وصلة أصدقائهما وإكرامهما ،والعمل على كل ما يسرّهما ويفرحهما ، والدعاء لهما في حياتهما وبعد موتهما. عليك ببر الوالدين كليهمـــا وبر ذوي القربى وبر الأباعدي وبعد، أيها الشباب ، وأمل الأمة وسواعدها الفتية ، نصل وإياكم إلى نهاية هذهالرسائل ، التي أسأل الله – عز وجل – أن تكون فيها الفائدة المرجوّة وأنتشاغف قلوبكم ، وتؤثر فيها ، إنه على ذلك قدير ، وبالإجابة مجيب . وصلى الله على سيدنا محمد . </blockquote> </blockquote>