كان أنيقاً للغاية، يشهد له الجميع بالذوق والرقيّ في التعامل.وذاتيوم وقف ليشتري بعض الخضروات من المحل الموجود في واجهة منزله، أعطتهالبائعة العجوز أغراضه وتناولت منه ورقة من فئة العشرين دولاراً ووضعتهافي كيس النقود.. لكنها لاحظت شيئا!!لقد طبعت على يدها المبللة بعضالحبر، وعندما أعادت النظر إلى العشرين دولاراً التي تركها السيد الأنيق،وجدت أن يدها المبتلة قد محت بعض تفاصيلها، فراودتها الشكوك في صحة هذهالورقة؛ لكن هل من المعقول أن يعطيها السيد المحترم نقوداً مزورة؟ هكذاقالت لنفسها في دهشة!ولأن العشرين دولاراً ليست بالمبلغ الهين في ذاكالوقت؛ فقد أرادت المرأة المرتبكة أن تتأكد من الأمر، فذهبت إلى الشرطة،التي لم تستطع أن تتأكد من حقيقة الورقة المالية، وقال أحدهم في دهشة: لوكانت مزيفة فهذا الرجل يستحق جائزة لبراعته!!.وبدافع الفضول الممزوجبالشعور بالمسئولية، قرروا استخراج تصريح لتفتيش منزل الرجل. وفي مخبأ سريبالمنزل وجدوا بالفعل أدوات لتزوير الأوراق المالية، وثلاث لوحات كان قدرسمها هو وذيّلها بتوقيعه.المدهش في الأمر أن هذا الرجل كان فناناحقيقيا، كان مبدعا للغاية، وكان يرسم هذه النقود بيده، ولولا هذا الموقفالبسيط جدا لما تمكن أحد من الشك فيه أبداً.والمثير أن قصة هذا الرجل لم تنتهِ عند هذا الحد!لقدقررت الشرطة مصادرة اللوحات، وبيعها في مزاد علني، وفعلاً بيعت اللوحاتالثلاث بمبلغ16000 دولار؛ حينها كاد الرجل أن يسقط مغشيا عليه من الذهول،إن رسم لوحة واحدة من هذه اللوحات يستغرق بالضبط نفس الوقت الذي يستغرقهفي رسم ورقة نقدية من فئةعشرين دولاراً!لقد كان هذا الرجل موهوباً بشكل يستحق الإشادة والإعجاب؛ لكنه أضاع موهبته هباء، واشترى الذي هو أدنى بالذي هو خير.وحينما سأل القاضي الرجل عن جرمه قال: إني أستحق ما يحدث لي؛ لأنني ببساطة سرقت نفسي، قبل أن أسرق أي شخص آخر!هذهالقصة تجعلنا نقف مليّاً لنتدبر في أن كثيراً منا في الحقيقة يجنون علىأنفسهم، ويسرقونها، ويجهضون طموحها، أكثر مما قد يفعله الأعداء والحاقدون!وأنناكثيرا ما نوجّه أصابع النقد والاتهام فيما يحدث لنا نحو المجتمع والآباءوالحياة بشكل عام؛ بينما أنفسنا نحن من يجب أن نواجهها ونقف أمامها ملياً.كم عبقري أتت على عبقريته دناءة الهمة وخسة الطموح، وانتهت أحلامه عند حدود رغباته البسيطة التافهة؟!كم منا يبيع حياته بعَرَض بسيط من الدنيا، ويتنازل عنها؟!الكثير يفعلونها.. وبسهولة..إنانعدام البصيرة لَبليّة يصعب فيها العزاء، وإهدار الطاقة التي وهبنا اللهتعالى في محقّرات الأمور لَكارثة يصعب تداركها، والعمر –للأسف-يمضي، وتطوي الأيام بعضها بعضا..فمن يا تُرى يستيقظ قبل فوات الأوان؟؟من؟!!مما راق لي ،،،،،،،،،،،،