الفارسة(خولة بنت الأزور)سبق الفارس الملثَّمجيش المسلمين، وفى شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم، وأعمل السيف فيهم، فأربكالجنود، وزعزع الصفوف، وتطايرت الرءوس، وسقطت الجثث على الأرض، وتناثرتالأشلاء هنا وهناك، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيشالمسلمين.ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه، إنه لفارس شجاع...كلماتقالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمحالفارس وهو يطيح بسيفه هامات الأعداء، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارسلا يكون إلا خالدًا القائد الشجاع.لكن خالدًا قد قرب منهم، فسألوه فيتعجب، من هذا الفارس الهُمام؟ فلا يجبهم، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم علىهذا الفارس ولكن! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعدأن قتل كثيرًا من الأعداء، وجعل الرعب يَدُبُّ فى صفوفهم، فصاح خالدوالمسلمون: للَّه درُّك من فارس بذل نفسه فى سبيل اللَّه ! اكشف لنا عنلثامك. لكن الفارس لم يستجب لطلبهم، وانزوى بعيدًا عن المسلمين، فذهب إليهخالد وخاطبه قائلا: ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبى لفعلك، من أنت؟فأجابه: إننى يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا منذوات الخدور وبنات الستور. فلما علم خالد أنها امرأة سألها -وقد تعجَّب منصنيعها-: وما قصتك؟ فقالت المرأة: علمتُ أن أخى ضرارًا قد وقع أسيرًا فىأيدى الأعداء، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ.قال خالد: سوف نقاتلهم جميعًا ونرجواللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر.واشتبك جيش المسلمين معالأعداء وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، وكان النصر للمسلمين، وسارت تلك الفارسةتبحث عن أخيها، وتسأل المسلمين عنه، فلم تجد ما يشفى صدرها ويريح قلبها،فجلست تبكى على أخيها وتقول: "يابن أمى ليت شِعْرِي... فى أية بَيْدَاءطَرَحُوكَ، أم بأى سِنَانٍ طعنوك، أم بالْحُسام قتلوكَ. يا أخى لك الفداء،لو أنى أراك أنقذكَ من أيدى الأعداء، ليت شِعْرِى أترى أنى لا أراك بعدهاأبدًا؟لقد تركتَ يابن أمى في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها، ليت شعري،لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَى النبي (، فعليك منى السلام إلى يوماللقاء. فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد.وما هى إلالحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة، وأن جيشالأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مكبَّلا بالأغلال، فأرسل "خالدٌ" "رافعَ بنعميرة" فى مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها، فما إنسمعتْ بخروج "رافع بن عميرة" حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج معالمسلمين لفك أسر أخيها، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كمينًا فى الطريق، وما إنمرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل، واحد وما لبثوا أن قضواعليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو.تلك هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر، صحابية جليلة، أَبْلت بلاء حسنًا فى فتوح الشام ومصر. وكانت من أشجع نساء عصرها.وتمر الأيام، وتظهر بسالة تلك المرأة، ومدى دفاعها عن الإسلام، ففى موقعة"صجورا" وقعت هي ونسوة معها فى أسر جيش الروم. ولكنها أبت أن تكون عبدة فىجيش الروم، فأخذت تحث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة: يابناتَ حِمْيَر وبقية تبع، أترضين لأنفسكن أن يكون أولادكن عبيدًا لأهلالروم، فأين شجاعتكن وبراعتكن التي تتحدث بها عنكن أحياء العرب؟ وإنى أرىالقتل عليكن أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم. فألهبت بكلامها حماسالنسوة، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان.وقالت لهن:خذوا أعمدة الخيام، واجعلوها أسلحة لكُن، وكنَّ فى حلقة متشابكات الأيدىمترابطات، لعل اللَّه ينصرنا عليهم، فنستريح من معرَّة العرب. فهجمت وهجممعها النسوة على الأعداء وقاتلن قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكرالأعداء وتخلصن من الأسر.ولم تنته معارك خَوْلة فى بلاد الشام، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى فى معركة مرج راهط، فاقتحمت الصفوف من أجله.وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين، كما اشتركتْ -أيضًا- فى فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم.وظلتْالسيدة خَوْلة -رضى الله عنها- على إيمانها وحبها للفداء والتضحية،ودفاعها عن دين الله، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ فى آخر خلافةعثمان بن عفان -رضى الله عنه-.
وروعهـ مانــثرت .. وجميل طرحكـ ..تميز في الانتقاءسلمت على روعه طرحكنترقب المزيد من جديدك الرائعدمت ودام لنا روعه مواضيعكلكـ خالص احترامي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]