الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:فإن القلب هو جوهر الحياة في الإنسان، فبحسب حياته وسلامته ونقائه؛تكون حياة الإنسان وسلامته ونقاؤه،وهذه الحقيقة كما تدل عليها الشواهدالشرعية تقررها النظريات العلمية والفلسفية في سائر المِلل عبر التاريخ.ومن هنا فإن المسلم الحكيم هو من يفتش عن أسباب صلاح قلبه، وأسبابقوته وعافيته؛ لأنه يدركأنه متى امتلك قلبًا سليمًا من الآفات؛ فقد امتلكالحياة وامتلك نقاءها وجمالها.وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيّن أنّ السلامة والصلاح في الإنسان مرتبطة بصلاح قلبه فيقول:{ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي: القلب} الحديث[رواه: النعمان بن بشير، المحدث: الألباني، صحيح الترغيب، رقم: 1731].أخي الكريم: إن قلبك هو مفتاح السعادة والغنى، ووعاء السلامةوالهدى، ومصدر القوة والرضى،ولَحرصك على صفائه ونقائه، أهم بكثير من حرصكعلى الهواء والطعام.فكيف تجعل قلبك سليمًا نابضًا بالإيمان والحياة؟أولًا: كن صاحب عقيدةفتوحيد الله -جلّ وعلا- نور يملأ القلوب، ويبصِّرها، ويقويها، فهومادة حياته، وأساس قوته وسلامته، ولا حياة للقلب إلا بالإيمان بالله -جلّوعلا- ذلك الإيمان الذي يصنع الطمأنينة في القلوب، والسكينة في النفوس؛لأنه يولِّد فيها من التوكل على الله ما تهون أمامها الصِّعاب:وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[الطلاق: 3]، ويولِّد فيها من الثقة بالله، واليقين به ما تزول به الهموموالغموم والأحزان، ويولِّد فيها من البصيرة والهدى ما يجعلها أكثر ثباتًا،وقدرة على مواجهة الصِّعاب، كما قال -تعالى-: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن: 11].فالإيمان بالله -جلّ وعلا- نور يسري في قلب المؤمن، يضيء له الطريق،ويمكنه من الثبات عليه؛ فيرى به الأشياء على حقيقتها: القبيح قبيحًا،والحسن حسنًا.أخي الكريم: اعلم أن السعادة والحياة الطيبة في الحياة لا تقوم إلا على أساس واحد هو: الهدى. كما قال -تعالى-: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا (124) [طه].ثم اعلم أن محل الهدى هو القلب، وأنّ هذا المحل لا يمكنه حمل الهدىإلا إذا كان فيه من الإيمان واليقين ما يؤهله لذلك؛ ولهذا قال -تعالى-: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن: 11].ومن هنا فإن تحقيق الهداية مشروط بتحقيق العقيدة الصحيحة، والإيمانالنقي من شوائب الشرك بالله، وعلى قدر معرفة المؤمن بربّه، ويقينه به، تكونبصيرته وخشيته وهدايته كما قال -تعالى-: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر: 28].وإذا تأملت أخي في تأثر القلوب بذكر الله، ووجلها من الله؛ وجدت ذلك التأثر لا يحصل إلا للقلوب المؤمنة، كما قال -تعالى-: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28]، فعطف -سبحانه- في هذه الآية اطمئنان القلوب بالذكر علىالإيمان، وهو ما يدل على أن قلب المؤمن أعقل حين سماع ذكر الله؛ للمعانيالتي يتضمنها الذكر، وهو ما يجعله متأثرًا به، وأبصر بالآيات والحقائقالغيبية؛ لذلك، إذا ذكر الله، أبصر عيبه وأبصر عظمة الله، وأبصر قدرتهورحمته وصفاته العليا، وأبصر تقصيره، وضعفه؛ فأورثته بصيرة قلبه ذلك التأثرالحاصل حين سماع ذكر الله، بعكس ضعيف الإيمان الذي مات إحساس قلبه، فلايسمع ولا يعقل كما قال -تعالى-: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف: 179]، وكما قال -تعالى-: أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24] ، وكما قال -تعالى-: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].فقلب المؤمن قلب عاقل، لا تخدعه مظاهر الأشياء لأنه لا يرى بعينه فقط، وإنما بقلبه أيضًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إن العقل في القلب، والرحمة في الكبد، والرأفة في الطحال، والنفس في الرئة} [المحدث: الألباني، صحيح الأدب المفرد برقم: 425].ولأن قلب المؤمن منور بتوحيد الله؛ فإنه أعقل بالآيات الكونية والشرعية، ولذلك قال -تعالى-: إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْوَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىرَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2].قال الشيخ عبد الرحمن السّعدي: "فوصف الله المؤمنين بهذه الصفاتالمتضمنة للقيام بأصول الدين وفروعه، وظاهره وباطنه، فإنه وصفهم بالإيمانبه إيمانًا: ظهرت آثاره في عقائدهم، وأقوالهم، وأعمالهم الظاهرة والباطنة،وأنه مع ثبوت الإيمان في قلوب - يزداد إيمانهم كلما تليت عليهم آيات الله،ويزداد خوفهم ووجلهم كلما ذكر الله؛ وهم في قلوبهم وسرهم متوكلون على الله"(التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ص15).ثانيًا: فرِغ قلبك من الشواغل والأخلاط1- تقلب القلب: أخي إن الإيمان بالله -جلّ وعلا-، والتوكل عليه،واليقين به كل ذلك يولِّد في القلب قوة، وبصيرة وعقلًا يزن بها الأمور،ويحقق بها الهدى ليعيش آمنًا من شرور الغي وطرق الردى.لكن سنة الله اقتضت أن يظل المؤمن في تنازع، ومكابدة ليظل قلبه ثابتًا علىالإيمان والتقوى، لكن المؤمن مهما كانت قوة إيمانه؛ فلابد له من غفوة وضعف،فإنما سمي القلب لشدة تقلبه، وعدم ثبته على حاله، كما قال الشاعر:وما سمي الإنسان إلا لأنسه *** ولا القلب إلا أنه يتقلبوأحسن منه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إنما سمي القلب من تقلّبه، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة، تعلّقت في أصل شجرة، يقلّبها الريح ظهرًا لبطن}[الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث: الألباني، صحيح الجامع رقم: 2365].وهذا التقليب الذي هو أخص صفات القلب، هو منشأ كون الإنسان موصوفًا بالظلموالغدر والخطأ؛ فإنه متقلب في أحواله، متغير في صفاته، تغلبه الشهوة، كماتلتبس عليه الأمور بالشبهة، ويطغى عليه النسيان كما يتمادى به الهوىوالطغيان، وتغره المتاع، كما تقهره الطباع، فهو لسبب أو لآخر متقلب فيطبعه.2- تطهير القلوب بالتوبة: وهذا التقلب في الإنسان، ما خلقه الله -جلوعلا- إلا ليبتليه بخطئه كما يبتليه بصوابه، قال رسول الله -صلى الله عليهوسلم-: {والذي نفسي بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم} [الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، صحيح].وليطلعه على رحمته إذا هو تبصَّر بذنبه وعاد إلى الله تائبًاطائعًا، ومن هنا أخي لابد أن تعلم أنك في كل وقت وحين في حاجة إلى تجديدالتوبة والإكثار من الاستغفار؛ فإنهما يطهران القلب من شوائب المعاصيوآثارها وسوادها، ولهذا أوصى الله -جل وعلا- عباده المؤمنين بالتوبة،وجعلها أساس فلاحهم فقال: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {تعرضالفتن على القلوب عرض الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتةسوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا،لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربدًّا كالكوز مجخيًالا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه}[الراوي: حذيفة بن اليمان، المحدث: الألباني، صحيح الجامع رقم: 2960].رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانهاوترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانهاأخي الكريم: فإذا علمت أن الذنوب تمرض القلوب، وتطمس بصيرتها،وتعطل عقلها، فاحرص على تطهير قلبك من أمراض المعاصي باجتنابها، وملازمةالتوبة والاستغفار لإبطال مضراتها، فإن قوة قلبك وسلامته مرهونة بصفائهونقائه، وإنما ينقى قلبك بثلاثة أشياء:الأول: بالتوبة إلى الله، والاستغفار من الذنب.الثاني: بالإكثار من الحسنات، فإنهن يذهبن السيئات، كما قال -تعالى-: وَأَقِمِالصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّالْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود: 114].الثالث: الحرص على أسباب المغفرة، كالصلاة، والنوافل، والوضوء،وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والعمرة والحج، ونحو ذلك من موجبات المغفرةالمبسوطة في كتب الفضائل والسلوك.فقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذًا فقال له: {اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن} [الراوي: معاذ بن جبل و أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، حسن].3- تطهير القلب من الأمراض: فإن طهارة القلب من أمراضه، وخلوّه منأعراضها، هو أعظم أسباب قوته ولينته ورقته وخشوعه، وصاحبه هو خير الناسوأحبهم إلى الله، كما في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : قلنا:يا نبي الله من خير الناس؟ قال: {ذو القلبالمخموم، واللسان الصادق، قال: قلنا: يا نبي الله! قد عرفنا اللسان الصادق،فما القلب المخموم؟ قال: هو التقي النقي؛ الذي لا إثم فيه، ولا بغي ولاحسد، قال: قلنا: يا رسول الله! فمن على أثره؟ قال: الذى يشنأ الدنيا، ويحبالآخرة. قلنا: ما نعرف هذا فينا إلا رافع مولى رسول الله، فمن على أثره،قال: مؤمن في خلق حسن} [الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص، المحدث: الألباني، صحيح].فها هنا بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريق نقاء القلوب وحقيقتها، وجمع بيانه ثلاث صفات هي: اجتناب الإثم، والبغي، والحسد.فهذه الصفات هي من أخطر أمراض القلوب، والتي ما أصابت قلبًا إلا ملأته سوءًا، وظلمة، وطمست نوره وأضعفت بصيرته.وإذا كانت الآثام تنكت نكتات سوداء في القلوب، فإن الحسد يأكل حسناتها الموجبة لنقائها كما تأكل النار الحطب."والحسد هو: تمني زوال نعمة المحسود، أو هو البغض والكراهية لمايراه من حسن حال المحسود، وهو طبع لئيم يسكن القلوب الضعيفة الميتة مهماكان شأن أصحابها، فلربما وجدت الضعيفة الميتة -مهما كان شأن أصحابها-فلربما وجدت المرء قد ملك من صفات الحسن، وأسباب الملك ما لم يملكه غيره؛لكنه لغلبة طبعه الحاسد لا يحب رؤية النعمة على غيره".أخي الكريم: واعلم أن الحسد هو من الاعتراض على حكم الله -سبحانه-،كما قيل: "من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد".قال بعضهم: "ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من الحسود؛ نفس دائم، وهم لازم، وقلب هائم".وإذا تأملت في قول الله -جلّ وعلا-: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ[الفلق: 5]؛ علمت أن الحسد طبع غالبًا ما يتسلل إلى القلوب، لكن القلوبالحية بالإيمان تبصر شعاعه، فتعكسه وتطرده وترده خائبًا، لكن القلوبالضعيفة تستجيب؛ ولذلك قال -تعالى-: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق: 5].قال ابن تيمية: "ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه".قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: {لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث} [الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، صحيح].واعلم أخي أن الحسد كما يوجب قسوة القلب، ولؤم الطبع، وفسادالأخلاق، فهو يعطل القلب من اكتساب أعظم الثواب، إذ القلب الخالي من الحسدمملوء ولابد بالخير؛ فلا تجد صاحبه إلا يحدث نفسه بفعل الخيرات، وإن عجزعنها، قد سارت به نيته الصافية، وحبه لنفع العباد، ما لم تسر الصلواتوالقربات بالعباد!.وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: {إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى} الحديث [رواه: عمر بن الخطاب، المحدث: الألباني، صحيح].أخي: فإن رُمت القلب الطاهر، فوطن نفسك على الصبر، وجاهد نفسك فيبذل النفع للعباد، تُحسن إلى من أساء إليك، وتصل من قطعك، وتعطي من منعك،وتسامح من آذاك، في الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم} [الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: ابن حجر العسقلاني، إسناده حسن].فكما أن تطهير قلبك من الحسد يوجب لك النقاء والسلامة، فهكذا صبركعلى الحسود، واحتمالك لأذاه، وإحسانك إليه؛ يوجب لك الخيرية والراحةوالنصر، كما يمتص حسد الحاسد ويرده، فإن الغالب في الناس أن الإحسان يمتلكقلوبهم، ويردهم إلى رشدهم.كما قال الشاعر:أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسانوأحسن منه قول الله -جل وعلا-: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34].4- أغن قلبك بالقناعة: فإن الحرص يسبب الفقر للقلب، ويحدث فيه فاقةلا يسدّها شيء أبدًا، أما القناعة والرضى بما كتبه الله من الرزق؛ فيوجبللقلب الغنى، ويولِّد فيه الطمأنينة والسكينة، وقد قال رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- لأبي ذر: {يا أبا ذر أترى كثرةالمال هو الغنى؟ قلت: نعم يا رسول الله! قال: فترى قلة المال هو الفقر؟قلت: نعم يا رسول الله! قال: إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب} [الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، صحيح الترغيب برقم: 3203].والقناعة متى سكنت القلوب؛ أصابها الخير كله، وسلِمت من آفات الشح والحرص والبخل، وهي من أخطر الأمراض الفتاكة قال -تعالى-: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن: 16].وعن جابر -- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم} [الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: مسلم، صحيح].والشح: هو شدة الحرص.ومن ينفق الأيام في جمع ماله *** مخافة فقر فالذي فعل الفقرولا تحسبن الفقر فقر من الغنى*** ولكن فقر الدين من أعظم الفقرأخي الكريم: واعلم أن العناية بمقويات القلب وأسباب عافيته أكثرمن أن تحصر في هذا الكتاب، ولكن عليك بكثرة ذكر الله بعد أداء فرائضه؛ فإنهأعظم عون لك على طهارة قلبك، فإنك إن داومت على ذكر الله تسبيحًا،واستغفارًا، وتهليلاً، وتكبيرًا؛ وجدت أثر ذلك واضحًا على قلبك، فإن زدتحرصًا على الصيام واجتنبت كثرة النوم والأكل والكلام والضحك؛ نلت عافيةقلبك وسلامته.وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.